القلاع والحصون .
تنشر القلاع والحصون الحجرية في أماكن كثيرة في الأردن، بعضها بناه العرب بعد الفتح الإسلامي للشام في القرن السابع، والبعض الآخر بناه الصليبيون أثناء فترة الحملات الصليبية على بلاد الشام، وتأسيسهم مملكة بيت المقدس فيها. من أهم تلك القلاع: قلعة الكرك، قلعة الشوبك، قلعة عجلون، وقلعة العقبة.
بالنسبة لقلعة الكرك، فتقع في محافظة الكرك مشكّلة القمة الجنوبية لمدينة الكرك جنوب الأردن. بناها الصليبيون بعد أن سيطروا على هذه المدينة في القرن الثاني عشر للميلاد، وتحديًدا في عام 1161. خلال فترة سيطرتهم على الطريق الملوكي، لتكون نقطة اتصال استراتيجية متوسطة بين قلعة الشوبك والقدس، التي تشرف عليها. يوجد في القلعة ممرات سريّة تحت الأرض تقود إلى قاعات محصّنة، أما أبراج القلعة فإنها تمنح الناظر من خلالها مشهدًا طبيعيًا للمنطقة المحيطة. قام صلاح الدينبتحريرها بعد هزيمة الصليبين في معركة حطين. يبلغ طول هذه القلعة 220 م وعرضها 125 م من الجهة الشمالية و 40 م من الجهة الجنوبية، حيث تطل على وادِ ضيق زادته قناة المياه عمقًا، وجعلته أكثر ارتفاعًا. وتمتاز بوجود عدد من المباني العثمانية التي تم ترميمها والتي بنيت بدقة من حجر جيري أملس .
إن ما يميز قلعة الكرك، الأبراج التي تحيط بها، والتي بُنيت بفخامة فائقة، ومنها برج البناوي والسيوب والزهير. أما البرج المملوكي، فقد بناه السلطان بيبرس بعد العام 1265، وهو عبارة عن مبنى ضخم يتألف من أربعة طوابق. ويعتقد أنه دُمر عام 1180 نتيجة المعارك المتكررة التي حدثت في تلك الفترة. لقد أُعيد ترميم القلعة، وتم تقوية تحصينات البلدة بالأبراج الضّخمة دون أبواب ظاهرة تحت حكم الأيوبيين وسلطان المماليك الأولين. ويمكن التمييز بين المبنى الحجري للقلعة والحجارة الجيرية الملساء التي استخدمت من قبل العرب لاحقًا .
أما بالنسبة لقلعة الشوبك، فتقع في محافظة معان على ارتفاع 1330 م عن سطح البحر، وتبعد حوالي ساعة عن مدينة البتراء على الطريق الصحراوي جنوب الأردن. يُطلق عليها اسم "قلعة مونتريال". ويُعتقد بأن منطقة الشوبك قد سُكنت في الفترة الادومية، ثم اُعيد ترميمها في الفترة النبطية. ويبدو أنها اُستخدمت كدير صغير للرهبان حتى أعاد بناءها الأمير الصليبي بلدوين.
بالنسبة إلى قلعة عجلون، فتقع في محافظة عجلون شمال الأردن. وتمثل هذه القلعة طراز الفن المعماري عند المسلمين العرب. بناها عز الدين بن أسامة بن منقذ أحد قادةصلاح الدين الأيوبي ما بين عامي 1148 و 1185 لتقف في وجه التوسّع الصليبي، ولتحافظ على طرق المواصلات مع دمشق وشمال سوريا. يُطلق عليها أيضًا "قلعة الربض" بسبب موقعها كونها تربض على ظهر تل شاهق الارتفاع عرف باسم جبل عوف نسبة إلى بني عوف الذين أقامت عشيرة منهم في الجبل أيام الفاطميين. كما استمدت القلعة اسمها الثاني "قلعة صلاح الدين" من القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي الذي اتخذها نقطة انطلاق لجيوشه المتوجهة صوب مدينة القدس. اذ تشكل معلمًا اثريًا تاريخيًا بارزًا في محافظة عجلون، ولتكون حصنًا منيعًا في وجه هجمات الصليبين، ومركزًا مشرفًا لمراقبة الطرق التجارية.
تمثل القلعة التي صمدت أمام الظواهر الطبيعية وظلت محافظة على اجزائها كاملة رغم مرور مئات السنوات، نموذجًا حيًا للمهارة الهندسية العسكرية الإسلامية، فقد أكسبها موقعها على أعلى قمة الجبل ميزة استراتيجية فريدة، حيث يحيط بها خندق عميق كان يستخدم لجمع المياه، إضافةً إلى كونه يشكّل حاجزًا قويًا يصعب اقتحامه. فضلاً عن بواباتها المُحصّنة، وأبراجها العالية التي كانت تشكل موقعًا فريدًا للمراقبة والاستكشاف، ومواقع دفاعية قوية. ففي داخلها تكثر الدهاليز والممرات الضيقة، إلى جانب القاعات الفسيحة التي كانت منامات للجند واسطبلاات لخيول الأيوبيين. علاوة على آبار المياه التي تتسع لآلاف الامتار المكعبة من مياة المطر. لقد كشفت الحفريات الأثرية إلى جانب القلعة، عن بقايا كنيسة تعود إلى العهد البيزنطي المبكّر.
أما بالنسبة إلى قلعة العقبة، فتقع في محافظة العقبة، وسط مدينة العقبة الساحليّة، على بُعد 375 كم إلى الجنوب من عمّان. أرّخت القلعة من خلال النقشين الذين عثر عليهما فيها: الأول يرجع إلى الفترة المملوكية زمن السلطان قانصوه الغوري، والثاني يرجع إلى الفترة العثمانية زمن السلطان مراد بن سالم خان المعروف باسم السلطان مراد الثالث. كذلك ساعد في تأريخ القلعة نتائج أعمال التنقيب الأثري التي أمكن من خلالها تمييز سبع مراحل من الاستيطان والبناء. أول هذه المراحل الفترة الأموية التي اقتصرت على النظام المائي. المرحلة الثانية كانت خلال القرن الثالث عشر، وتم فيها بناء القلعة. المرحلة الثالثة في القرن الخامس عشر وشهدت إعادة بناء القلعة. وتمثلت المرحلتان الرابعة والخامسة بنهاية الفترة المملوكية وبداية الفترة العثمانية في القرن السادس عشر. أما بناء الأبراج وتحويلها من نمط المسقط الأفقي متعدد الأضلاع إلى الدائري فكان في القرن التاسع عشر، بعد عام 1828 م. تم تدمير الجدار الغربي والبرج في الناحية الشمالية الغربية خلال الحرب العالمية الأولى. ويوجد فوق المدخل الرئيسي للقلعة نقش يذكر تاريخ دخول القوات العربية في 6 تموز / يوليو1917 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق